شعر : رفعت شميس
مباح دفتري الأصفر
مباح دفتري الأصفر
وما في الكون من دفتر
يباح كدفتري الأصفر
كأن حروفه أمة
وجارية منعمّة
يرام خباؤها العاري
من السلطان..والعسكر.
*****
لماذا أيها السادة ..
لماً في دفتري المفتوح أقوامٌ..
تمادت في معاداتي ..؟
وأقوام أحبتني ..
فزادت في معاناتي ..
أما عرفت بأني لست مسؤولاً
عن الأقلام إذ راحت تسطرني
وتملأ دفتري الأصفر
كتاباتٍ منمقة
من الأخبارِ والأشعارِ والأمثال والخطب ..
وتشهدني على ذاتي ..
ومن عجبي بمأساتي
كثير من وريقاتي .. مزورة
وبعض من حكاياتي .. أتى من حيث لا أدري.
*****
أنا ياسادتي جسدٌ…
تداعى بعضه ألماً
فلا سهر .. ولا حمى…
أنا ياسادتي جسدٌ…
وما في الكون من جسدٍ
يعاني جرحه مثلي .
لماذا أيها السادة …
قتلتم كلّ إشراق على وجهي
وزورتم حقائق رحلتي معكم ..
فحبري من خطاياكم
ينوح بلونه الأسود.
وما زالت حناجركم ..
بكل عبارة حمراءَ قد نقشت على جسدي
تهنئني بتعزيتي .. وتفتخر ..
*****
ألستم مثلما قد قال شاعركم ..
مقاهي الشرق تجمعكم
رحى الكلمات تطحنكم ..
وما زلتم كعادتكم …
وهذا قول شاعركم ..
ليوم الدين مختلفين حول كتابة الهمزة
وحول قصيدة نسبت إلى عمرو بن كلثوم ..
ويا أسفي ……
.. فما زالت لياليكم
بذكر الزير تقضيكم ..
وشما زهرة البان ..
وقصتها مع الأمير سرحان .
وحاتم طي إذ ضُربتْ
به الأمثالُ بالكرمِ
وداحسَ في تسابقها ..
مع الغبراء في الصحراء إذ قُرعت
طبولُ الحرب أعواما
وفارسِ عبسَ عنترها ..
وبيض الهند إذ لمعتْ
كبارق ثغر عبلته
وحدثني.. وأخبرني ..
وأسألكم ..
لماذا السير نحو الخلف للماضي ..؟
مضارعكم بسين دائما مسبوق
وبالتسويف ديدنكم
وما زلتم كعادتكم
طبول الشعر تجمعكم.. تفرقكم ..
كعادتكم
مضى زمن .. وأنتم في تناقضكم
على أعتاب ماضيكم
فمنكم من به يحيا
زمان الأمس أمجادا
صروحا زانها الغار
وما فيه سوى رائعْ
فأغلق باب حاضره
لكي يجتر من ذكرى وقائعه
ولم يسمعْ .. بآت ..أسمه الواقعْ
ومنكم من يرى الماضي
ملطخةً جوانبُه
ليالٍ شابها العارُ
فهذا شاعر خجلٌ من الدفتر
فلا سيف ولا قلم ولا منبر
وهذا شاعر يدعو إلى الصحوة
ألا هبوا
أفيقوا أيها العرب
طمى خطبٌ
وقد غاصت به الركب
وهذا شاعر مثلي
رأى العبسي عنترة
يبيع حصانه الأدهم
ببعض من لفائف تبغ أمريكا
وهذا ناعق فينا : لقد عدنا صلاح الدينٍ
لن نخشى سيوفاً نصلها الخشب ..
*****
وماذا بعد يا سادة
مضى زمن ..
وهذا الخنجر المزروع في الصدر يعذبكم
ويدميكم
(( كما في إعلامكم نسمعْ )) ..
وذكرى وعد بلفور
ما زالت تؤرقكم.. وترتع في مضاجعكم
وبنت الشام لم ترجعْ
وما زلتم .. على أبواب ماضيكم..
كأن المجد مأسور
بما في دفتري الأصفر
*****
وأسألكم..
أمجد في تعاستكم ؟؟
أمجد في تفرقكم ؟؟
ولا أعلمْ ..
لماذا في تفاخركم ..
(( من الأكرم .. من الأقوى … من الأشهم ..))
إذا كنتم لبستم ثوب قاتلكم ..
ومزقتم .. عباءة حاتم الطائي كي تسلم حظائركم
وفي مدريد قسمكم مفاوضهم
ولا عجبا
متى يا سادتي كنتم .. توحدتم
*****
وماذا بعد ياسادة
أذكركم
وينسى بعضكم عمدا
حكايا دفتري الأصفر
وإني كنت أرويها
أما قالت لعبد الله أسماء
إذا ما الحق مطلبك
فلا تخش من الحجاج تمثيلا
فإن الشاة إن ذبحت
فليس السلخ يؤذيها
لماذا أيها السادة
تنازلتم ووافقتم بإن صرتم
نعاجاً في زرائبها
تدافع بعضها ركضا
إلى الجزار كي تذبح
فتمثيل بلا نص ولا لغة
وتصفيق وتصفير من الجمهور إذ يمرح
وخلف ستارة المسرح
ملقنكم وراعيكم
يطمئنكم
بأن الحفل قد ينجح
إذا بقيت ضمائركم
مخدرة إلى الأبد
****
معاذ الله ياسادة
إذا ماكنت أشملكم
فبعض من سراة القوم قد ركبوا
مطايا من أمانيكم
فداسوا قبور أكرمكم وأنبلكم
وقالوا دونما خجل
لمن أدمى مآقيكم :
سلاماً إيها الأخوة…
سلاماً أيها الأخوة ..
وما سلمت نواياهم ..
لقد صلبوا عروبتهم على بوابة القدس
وما زالت.. عروس المجد نائمة …
فما فتحت مآقيها إلى النور
وما أرخت ستائرها
على ليل طويل من تفرقكم…
وليلى…لم تعد عذراء .. معذرة
فهذا قول شاعركم
زناة الليل قد دخلوا لخيمتها
نهاراً عرسها كانا
وقد دفعوا لها مهرا
عناقيدا من الغضب
معجله إلى صبرا وشاتيلا
مؤخره إلى قانا
وما زالت قريحة قيسها العذري تنشدها
” فعيب الشوم ” ماعادت تحرككم
*****
لماذا أيها السادة
لماذا الصمت أغلال بأيديكم
كأن الربَّ واعدكم
بأنْ في الأفق معتصم ..
ملائكة .. من الرحمن منزلة ..
وحراس لخير برية خلقت
فإن تسمع صراخ نسائكم تأتي
على عجل … وتنقذكم
ألا عذرا ..
فما في صمتكم قول ولا فعل ..
فخير القول مادلت به الألفاظ عن معنى تؤديه
فإين معاني الصمت في لغة ألفناها ؟
دعوني أيها السادة أهنئكم
لسحر في بلاغتكم
وخير القول كما تدلي مذيعتكم
بمافاضت قرائحكم
من الأشعار في فحوى قضيتكم
ألا عذرا….
فما إبداع بعض من حناجركم
سوى .. نشجبْ …
ونستنكر
.. وإنا نحن من كنا ..
وفي التاريخ نكتبها..
(( بحق الرب ياسادة..
كفى عبثاً بهذا الدفتر الأصفر .))
.. وإنا نحن من خضعت لقوتنا…
بلاد الهند والسند
وسور الصين قد هزته أيدينا
سلوا غرناطة عنا
فصقر قريشنا فيها
عبرنا البحر من أقصى أراضينا
وطارق بن زياد يخبركم
بأنا نحن من تمشي سفينتنا
كما تقضي مشيئتنا
ونفخر أننا عرب … ولا نخجل ..
((.. أنا يا سادتي أخجل .))
ونعرف كيف ..نمسك .. قبضة .. المنجل .
دعوني أيها السادة
بما في دفتري المفتوح من صدق لواقعكم
أناجيكم .. وأسألكم
إذا كانوا قد اتفقوا
على تمزيق موطنكم ..
بما رسموا على الورق …
لماذا أيها السادة
جعلتم رسمهم حداً على الرمل ..؟
وسيجتم حدود بلادكم نارا
وما انفكت حناجركم
تردد قول شاعركم ..
بلاد العرب أوطاني
وهذا عندي مكتوب ..
بكل صحيفة صفراء في الدفتر
وماذا بعد يا سادة
أنا أنتم
لساني من ضمائركم
وحسبي لم أقل شيئاً
سوى أني أذكركم
– عسى أن تنفع الذكرى –
بما قد قال شاعركم .
Discussion about this post