بقلم: د. سليمان جادو شعيب :
قديماً كنا نقرأ ونقول وتردد كثيراً، مقولة” المرأة نصف المجتمع”،عندما كان الرجل قواما على المرأة في بيته، ويؤدي رسالته ومسؤولياته نحو أسرته، وكل الأعمال والخدمات ينهض بها بمفرده، وتقع على عاتقه. أما اليوم وقد أصبحت المرأة شريكاً أساسياً مع الرجل في أداء معظم الأعمال التي تتعلق بحياة الأسرة، وربما تحملت من الأعباء الجسام ما لا تطيق، صرنا نردد ونهتف بصدق مقولة” المرأة كل المجتمع”؛ لأنها أصبحت تقود المجتمع وترعاه، وتتولى زمام الأمور في أغلب مجالات الحياة المختلفة في المجتمع. ولا عجب في ذلك، فعندما كنا في الزمن القديم نقول (المرأة نصف المجتمع)؛ لأنها هي التي تصنع النصف الآخر، فهي التي تصنع الأبناء على عينها وتربيهم خير تربية، وتعلي من شأنهم، حتى يصلوا في حياتهم إلى المكانة اللائقة في مجتمعهم، وبالتالي تعدهم لخدمة وطنهم الغالي، والمرأة أيضاً هي التي تصنع العظماء من الرجال، فوراء كل رجل عظيم امرأة، تحفزه وتشجعه، وتؤازره وتدفع به إلى الأمام، ومن ثم نرى أنها قد صنعت العديد من القادة والمصلحين والزعماء والحكام والكتاب والأدباء والعلماء والمفكرين والفلاسفة وغيرهم، فالمرأة هي نصف الحياة: هي الأم، الأخت، الزوجة، وكل شيء في الوجود، والحياة بدونها ليس لها قيمة، كما أن للرجل مهامه، فللمرأة مهامها كذلك، وهو بناء المجتمع والنهوض به. إن المرأة بصفتها الإنسانية تحملت الأمانة، وكلفت بما يكلف به الإنسان من مسؤوليات وواجبات، ومن حقها الطبيعي بل من واجبها أن تتحمل مسئولية المشاركة في كل نواحي الحياة، كما جاء في سور القرآن الكريم مثل قوله تعالى:” إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً “(الأحزاب/٧٢). وفي سورة التوبة قوله تعالى:” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”(التوبة/٧١). لقد جاء التشريع الإسلامي تصحيحاً لكل الأوضاع الجائرة التي عاشتها المرأة في الأزمنة والعصور الأولى، وتحديداً عادلاً لمكانتها في المجتمع إزاء أخيها الرجل وسوى بينهما في حق الحياة الكريمة التي أرادها الله تعالى للجنس البشري ذكوره وإناثه على قدم المساواة،حيث قال سبحانه وتعالى:” ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً “( الإسراء/٧٠). وغني عن البيان أن بني آدم الرجل والمرأة. فالمرأة عصب المجتمع تلعب دوراً رئيساً في تنمية وتطوير هذا المجتمع، شاركت في القديم والحديث في جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقفت جنباً إلى جنب مع الرجل في مصاعب الحياة بالعمل والفكر، والمرأة هي منبت الأجيال على مر العصور، كرمها الله تعالى في الأديان، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وكرمتها الأمم المتحدة في ميثاقها عن الأهداف المستدامة التي تسعى إلى رخاء الدول من أجل السلام، ومكنتها من المناصب العليا؛ نظراً لدورها الفعال في تنمية المجتمع، واهتمت بصحتها كأم فيجب أن تكون لها حياة كريمة في هذا العالم. إن دور المرأة في المجتمع الحديث يتطلب ثقة بالنفس، وسمواً في الطموح والأفكار، بالإضافة إلى المبادرة، والمواظبة، والرغبة الكامنة في العمل والإنجاز والإبداع، فالمرأة هي الأم والقائدة القادرة على تربية شباب وشابات المجتمع تربية طيبة، وهي الأكثر تأثيراً فيهم وإسهاماً في نجاحاتهم، وقد أثبتت المرأة في الوقت الحاضر أنها تستطيع أن تتكيف مع تطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بها، ويؤكد تقدمها الملحوظ في المجالات التي تتطلب المعرفة والنقاش والعمل على ذلك، فقد أثبتت المرأة استغلالها لقدراتها الإدارية وأثبتت نجاحها وكفاءتها في رعاية البيت والأسرة وفي جميع مجالات الحياة الأخرى.
Discussion about this post